فصل: تفسير الآية رقم (49):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (49):

{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)}
{يُغَاثُ النَّاسُ} بنزول الغيب (ع)، أو بالخصب {يَعْصِرُونَ} العنب والزيتون من خصب الثمار، أو يحلبون الماشية من خصب المرعى، أو يعصرون السحاب بنزول الغيث وكثرة المطر {مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً} [النبأ: 14] أو ينجون من العصرة وهي النجاة، قاله أبو عبيدة والزجاج، أو يحبسون ويفضلون. وليس هذا من تأويل الرؤيا وإنما هو خبر أطلعه الله تعالى عليه علماً لنبوته.

.تفسير الآية رقم (50):

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)}
{ارْجِعْ إِلَىَ رَبِّكَ} توقف عن الخروج لئلا يراه الملك خائناً ولا مذنباً. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله يوسف أن كان ذا أناة لو كنت أنا المحبوس ثم أرسل إليَّ لخرجت سريعاً» {مَا بَالُ النِّسْوَةِ} سأل عنهن دونها إرادة أن لا يبتذلها بالذكر، أو لأنهن شاهدات عليه. {إِنَّ رَبِّى} الله تعالى أو سيده العزيز.

.تفسير الآية رقم (51):

{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)}
{رَاوَدتُّنَّ} راودنه على طاعتها فيما طلبت منه، أو راودته وحدها فجمعهن احتشاماً. {مَا عَلِمْنَا} شهدن على نفي علمهن لأنه نفى {حَصْحَصَ الْحَقُّ} وضح وبان (ع)، وفيه زيادة تضعيف مثل كبو وكبكبوا قاله الزجاج، مأخوذ من حص شعره إذا استأصل قطعه، والحصة من الأرض قطعة منها، فحصحص الحق انقطع عن الباطل بظهوره وبيانه. {أَنَاْ رَاوَدتُّهُ} برأة الله تعالى عند الملك بشهادة النسوة وبإقرار امرأة العزيز واعترافها بذلك توبة بما قرفته به.

.تفسير الآية رقم (52):

{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)}
{ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} يوسف أني لم أكذب عليه الآن في غيبته.

.تفسير الآية رقم (53):

{وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
{وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِي} لأن راودته، لأن النفس باعثة على السوء إذا غلبت الشهوة، قالته امرأة العزيز، أو قال يوسف بعد ظهور صدقه {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} العزيز أني لم أخنه في زوجته، فقالت امرأة العزيز: ولا حين حللت السراويل، فقال: {وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِي}، أو غمزه جبريل عليه السلام فقال: ولا حين هممت، فقال: {وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِي} (ع) أو قال الملك الذي مع يوسف: اذكر ما هممت به، فقال: {وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِي} قاله الحسن رضي الله تعالى عنه، أو قال العزيز {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} يوسف {أَنِّى لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} وأغفل عن مجازاته على أمانته {وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِي} من سوء الظن به.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)}
{أَسْتَخْلِصْهُ} لما علم الملك الأكبر أمانته طلب استخدامه في خاص خدمته {مَكِينٌ} وجيه، أو متمكن في الرفعة والمنزلة {أَمِينٌ} آمن لا يخاف العواقب، أو ثقة مأمون، أو حافظ {فَلَمَّا كَلَّمَهُ} استدل بكلامه على عقله، وبعفته على أمانته.

.تفسير الآية رقم (55):

{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)}
{خَزَآئِنِ} الأموال، أو الطعام، أو الخزائن: الرجال، لأن الأقوال والأفعال مخزونة فيهم، وهذا تعمق مخالف للظاهر، وهذا مجوز لطلب الولاية لمن هو أهل لها، فإن كان المولى ظالماً جاز تقلد الولاية منهم إذا عمل الوالي بالحق لأن يوسف قبل من فرعون، أو لا يجوز ذلك لما فيه من تولي الظالمين ومعونتهم بالتزكية وتنفيذ أعمالهم، وإنما قبل يوسف من الملك ولاية ملكه الخاص به، أو كان فرعون يوسف صالحاً وكان فرعون موسى طاغياً، والأصح أن ما جاز لأهله توليه من غير اجتهاد في تنفيذه جازت ولايته من الظالم كالزكوات المنصوصة، وما لا يجوز أن ينفردوا به كأموال الفيء لا يجوز توليه من الظالم، وما يجوز أن يتولاه أهله وللاجتهاد فيه مدخل كالقضاء فإن كان حكماً بين متراضيين أو توسطا بين مجبورين جاز، وإن كان إلزام إجبار لم يجز. {حَفِيظٌ} لما استودعتني. {عَلِيمٌ} بما وليتني، أو {حَفِيظٌ} بالكتاب، {عَلِيمٌ} بالحساب، وهو أول من كتب في القراطيس، أو {حَفِيظٌ} للحساب {عَلِيمٌ} بالألسن أو {حَفِيظٌ} بما وليتني، {عَلِيمٌ} بسني المجاعة، فيه دليل على جواز تزكية النفس عند حاجة تدعو إلى ذلك.

.تفسير الآية رقم (56):

{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56)}
{مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} استخلفه الوليد على عمل أطيفر وعزله، قال مجاهد: وأسلم على يده، قال (ع): ملك بعد سنة ونصف. ثم مات أطيفر فزوجه الملك بامرأته راعيل فوجدها يوسف عذراء، وولدت له ولدين، أفرائيم وميشا، ومن زعم أنها زليخا قال لم يتزوجها يوسف، ولما رأته في موكبه بكت ثم قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيداً والحمد لله الذي جعل العبيد بالطاعة ملوكاً فضمها إليه فكانت من عياله حتى ماتت ولم يتزوجها. {يَتَبَوَّأُ} يتخذ من أرض مصر منزلاً حيث شاء، أو يصنع في الدنيا ما يشاء لتفويض الأمر إليه. {بِرَحْمَتِنَا} نعمة الدنيا، {وَلا نُضِيعُ} ثواب {الْمُحْسِنِينَ} في الآخرة، أو كلاهما في الدنيا، أو كلاهما في الآخرة، ونال يوسف ذلك ثواباً على بلواه، أو تفضلاً من الله تعالى وثوابه باقٍ في الآخرة بحاله.

.تفسير الآية رقم (57):

{وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)}
{وَلأَجْرُ الأَخِرَةِ خَيْرٌ} من أجر الدنيا لأنه دائم وأجر الدنيا منقطع، أو خير ليوسف من التشاغل بملك الدنيا لما فيه من التبعة.

.تفسير الآية رقم (58):

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58)}
{فَعَرَفَهُمْ} من غير تعريف، أو ما عرفهم حتى تعرفوا إليه، أو عرفهم بلسانهم العبراني، قال (ع): لما عبر أبوهم بهم فلسطين فنزل وراء النهر سموا عبرانيين. وجاءوا ليمتاروا في سني القحط التي ذكرها يوسف في عبارته فدخلوا عليه لأنه كان يتولى بيع الطعام لعزته. {مُنكِرُونَ} لانهم فارقوه صغيراً فكبر، وفقيراً فاستغنى، وباعوه عبداً فصار ملكاً.

.تفسير الآية رقم (59):

{وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59)}
{بِجَهَازِهِم} كال لكل واحد منهم بعيراً بعدتهم. {ائْتُونِى بِأَخٍ لَّكُمْ} خلا بهم وقال قد ارتبت بكم وأخشى أن تكونوا عيوناً فأخبروني من أنتم؟ فذكروا حالهم وحال أبيهم وأخوتهم يوسف وبنيامين، فقال: أئتوني بهذا الأخ يظهر أنه يستبرئ بذلك أحوالهم، أو ذكروا له أنه أحب إلى أبيهم منهم فأظهر لهم محبة رؤيته {الْمُنزِلِينَ} المضيفين من النزل وهو الطعام، أو خير من نزلتم عليه من المنزل وهو الدار، وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا فرهنوا شمعون، واختاره لأنه كان يوم الجب أجملهم قولاً ورأياً.

.تفسير الآية رقم (61):

{قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)}
{سَنُرَاوِدُ} المراودة: الاجتهاد في الطلب مأخوذ من الإرادة {لَفَاعِلُونَ} العود بأخيهم، أو المراودة وطلب أخاه وإن كان فيه إحزان أبيه لجواز أن يكون أمر بذلك ابتلاء ومحنة أو لتتضاعف له المسرة برجوع الابنين، أو ليتنبه أبوه على حاله، أو ليقدم سرور أخيه بلقائه قبل إخوته لميله إليه.

.تفسير الآية رقم (62):

{وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62)}
{لفتيته} الذين كالوا الطعام، أو غلمانه {بِضَاعَتَهُمْ} الورق التي اشتروا بها الطعام، أو ثمانية جُرُب فيها سويق المقل.

.تفسير الآية رقم (63):

{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}
{رَجَعُواْ إِلَى أَبِيهِمْ} بالعربات من فلسطين، أو بالأولاج من ناحية الشعب أسفل من حِسمى، وكانوا بادية أهل إبل وشاء {مُنِعَ} سيمنع {نَكْتَلْ} أي إن أرسلته أمكننا أن نعود فنكتال.

.تفسير الآية رقم (64):

{قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)}
{هَلْ ءَامَنُكُمْ} لما ضمنوا حفظ يوسف وأضاعوه قال لهم ذلك في حق أخيه.

.تفسير الآية رقم (65):

{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)}
{مَا نَبْغِى} استفهام أي ما نبغي بعد هذا الذي عاملنا به أو ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك. {كَيْلَ بَعِيرٍ} الذي نحمل عليه أخانا، أو كان يوسف قَسَّط الطعام فلا يعطي لأحد أكثر من بعير {يَسِيرٌ} لا يقنعنا، أو يسير على من يكتله لنا.

.تفسير الآية رقم (66):

{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)}
{مَوْثِقاً} إشهادهم الله على أنفسهم، أو حلفهم بالله، أو كفيل يكفل {يُحَاطََ بِكُمْ} يهلك جميعكم، أو تغلبوا على أمركم.

.تفسير الآية رقم (67):

{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)}
{لا تَدْخُلُواْ} مصر من باب من أبوابها عند الجمهور، أو عبّر عن الطريق بالباب فأراد طريقاً من طرقها خشي عليهم العين لجمالهم، (ع)، أو خاف عليهم الملك أن يرى عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسداً. {وَمَآ أُغْنِى عَنكُم} من شيء أحذره أشار بالرأي أولاً، وفوض إلى الله أخيراً.

.تفسير الآية رقم (68):

{وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68)}
{حَاجَةً} سكون نفسه بالوصية لحذره العين {لَذُو عِلْمٍ} متيقن وعدنا، أو حافظ لوصيتنا، أو عامل بما علم.

.تفسير الآية رقم (69):

{وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)}
{أَنَاْ أَخُوكَ} مكان أخيك الهالك، أو أخوك يوسف {فَلا تَبْتَئِسْ} لا تحزن، أو لا تأيس. {يَعْمَلُونَ} بك وبأخيك فيما مضى، أو باستبدادهم دونك بمال أبيك.

.تفسير الآية رقم (70):

{فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)}
{بِجَهَازِهِمْ} الطعام وحمل البعير لأخيهم {السِّقَايَةَ} والصواع واحد (ع)، وكل شيء يشرب فيه فهو صواع، قال:
نشرب الخمر بالصواع جهارا ** وترى المتك بيننا مستعارا

وكان إناء الملك الذي يشرب فيه من فضة، أو ذهب، كال به طعامهم مبالغة في إكرامهم، أو هو المكوك العادي الذي تلتقي طرفاه. {أَذَّنَ} نادى مناد {الْعِيرُ} الرفقة، أو الإبل المرحولة المركوبة. {لَسَارِقُونَ} جَعْلُ السقاية في رحل أخيه عصيان، فعله الكيّال ولم يأمر به يوسف، أو فعله يوسف فلما فقد الكيال السقاية ظن أنهم سرقوها فقال: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}، أو كانت خطيئة ليوسف جوزي عليه بقولهم: {إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ} [يوسف: 77] أو كان النداء بأمر يوسف وعني بالسرقة سرقتهم ليوسف من أبيه وذلك صدق، لأنهم كالسارق لخيانتهم لأبيهم.

.تفسير الآية رقم (72):

{قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)}
{صُوَاعَ} الصواع والصاع واحد، وكانت مشربة للملك أو كالمكوك يكال به. {بَعِيرٍ} جمل عند الجمهور، أو حمار في لغة. بذله المنادي عن نفسه لقوله: {وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ}، أو بذله عن الملك من الطعام الملك ويجوز أن يكون الحمل معلوماً عندهم كالوسق فيكون جعلاً معلوماً، ويمكن أن يكون مجهولاً.

.تفسير الآية رقم (73):

{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73)}
{لَقَدْ عَلِمْتُم} ذكروا ذلك لأنهم عرفوا أمانتهم بردهم البضاعة التي وجدوها في رحالهم {لِنُفْسِدَ} لنسرق.